وسط
عاملات وعمال
شركة
النسيج، كان
قد أشيع بكثير
من الغرابة والحيرة خبر زواج
المديرة الجميلة
من المتشرد
الذي رابط
لسنوات
جوار باب الشركة وهو
يردد،
أنا
أموت، أنا
أفنى، فكي
قيدي لأرقد بسلام وتمنى الكثيرون لو كانوا
مكانه.
داخل
شركة التأمين
بوسط المدينة،
اكتظ الممر
المؤدي إلى
المكاتب، عشرات
الزبناء تعلوا
محياهم علامات
الضجر والملل
من طول
فترة الانتظار، بعضهم
يجلس على
كراسي إسمنتية تآكلت
بفعل الزمن،
فيما الأغلبية
الساحقة منهم واقفة عل شكل صف مبعثر خارج المبنى .
الجو
حار والرياح القادمة من الشرق تلفح الوجوه مما يزيد
الأعصاب توترا
واضطرابا، زبناء من دوي الحظوظ
التعيسة جمعهم القدر مرة واحدة، أغلبهم من طينة زبون صنف) ت(
: كثيروا الحوادث والمخالفات والذين غالبا
ما يكونون بمبدأ الربح والخسارة عبئا على
الشركة.
داخل هذا الفضاء،
دخل متشرد قصير
القامة، متسخ
الملابس مشعكك الشعر
ينفث دخان
سيجارة عاليا، اقترب
من امرأة
ذات قوام،
حسن وجمال، أخذت
سنوات الأربعينات منها
نصيبا لكن
جمالها يأبى
الأفول.
اقترب
خطوتين
وصاح:
أنا
أموت
أنا
أختنق
فكي
قيدي لأرقد بسلام
لم
تتأثر المليحة كما
اعتقد المتشرد،
أو بالأحرى
كما ظن
من عاينوا
الواقعة،
حركت سبابتها دلالة تكرار المشهد ، تراجعت
خلفا وغيرت
مقعدها، ألقى ذو
الأسمال البالية
نظرة فاحصة
متأملة سريعة
على جميع
من يجلسون
في القاعة،
يمنة ثم
يسرة و
على حين
غرة
توسط
الجمع وجلس
جلسة الراعي
حين يتكئ
على ساعده ثم
يضع رجلا
فوق ركز نظره
جيدا على
لوحة إعلانية
للشركة معلقة
داخل الصالة
المكشوفة من
فوق : شاب يركب
سيارة فارهة ترافقه خليلة جميلة
نحو الشركة.
بصوت
خفيض صاح
مرة أخرى :
أنا
أموت
أنا
أختنق
أنا ................
لا
من مجيب، صمت
مطبق، رأيت
في عينيه
حيرة، دموع
ستنهمر قريبا،
يساءل نفسه: هل
فقد البشر
قلوبهم؟ هل
انعدمت الأحاسيس
والمشاعر؟ هل
صارت الإنسانية/ التعاون
والتآزر من
الماضي؟
بينما
أنا غارق
أتأمل ما
يقع ، شردت
وعاد بي
الزمن سنوات
إلى الوراء، إلى
ذكريات أحتفظ بها
لنفسي
، تشرد من نوع خاص تأبى مشاهده مفارقة مخيلتي حتى
أيقضني صراخه
الشديد:
قلب
الحجر
قلب
الحديد
آه لقساوة قلبك
سأموت
الآن
فكي
قيدي أرجوك.
أمسكه
حارس الأمن
من يده
ودفعه خارجا،
سقط ونهض، لم
يتذمر ، عاد
ليحدق في
وجه المرأة
الجميلة، ابتسم
لها وخرج
دون عودة.
عاد
الجمع الغفير
بسرعة إلى
أحاديتهم، مر
بائع متجول
يحمل ملابس
داخلية للرجال،
عرض سلعته،
لم يشتري
أحد، انصرف وهو يحدق خلفه.
ناد
حارس الأمن
المكلف بتنظيم
الزبناء خارج
المكاتب الرقم
خمسة وسبعون
،
أكرر الرقم
خمسة وعشرون
،
عفوا خمسة
وسبعون. تدخلت
سيدة كانت
تجلس إلى
جانب الأربعينية، إنه
لها، لقد
كانت....أين..... فجأة
لاحظ الجميع
أن الجميلة الجميلة
قد غادرت
دون أن
يلاحظ أحد، عندما
اكتشفت الأمر مع المكشفين
غادرت بدوري
مسرعا، كانت
نار التطفل
ومحاولة معرفة
سر كل
هذا قد
اتقدت في
داخلي، شيطانا
رجيما دفعني
للتطفل على
غير عادتي
وقررت تتبع
الأحداث إلى
نهايتها .
الشارع
الأول ، ثم
الثاني حيت
مرفق ركن
السيارات، جلس
المتشرد على
الرصيف مقابل
مطعم الدجاج
المحمر، قبل
أن أصله
كانت المرأة
تسبقني بخطوات،
فتحت محفظتها
الصغيرة وأخرجت مائة
درهم ، طبطبت
على كتفه،
قفز وحاول
النهوض، أثنته
ومدت إليه
الورقة النقدية،
حرك رأسه
دلالة الرفض،
أصرت لكنه
لم يقبل،
ارتسمت علامة
الدهشة والحيرة
على جبينها
ثم خاطبته:
-
ما بك تتبعني أين ما وليت وجهي
-
هل
تريد زيارة
الطبيب
-
لا
-
ماذا
تريد إذن
-
أنا
أريد، أريد
أن.......
وقف
منتصب القامة وجمع
كل قواه
،
زفير وشهيق
،
وضع وجه
الجميلة بين
كفيه ، نظر
في عينيها، ونطق
بصوت خفيض
كرضيع
يتهجى كلماته
الأولى
أنا
اختنق،
أنا
أموت،
فكي
قيدي
مر متسول بجانبه وخاطبه ألم تمت بعد كما صاحت
الجميلة في
وجه ، أغرب
عني، ماذا
تريد بالضبط، مال
وأعطيتك
فرفضت ، مستشفى
و عرضت
علاجك
فأبيت، إن
أردت لباسا
ألبستك وإن.... قبل
أن تتم
وضع إصبعه
فوق شفتها
السفلى، وشنف
مسمع الطفيليين
الذين تجمهروا
حولهما:
أريدُ
أن أسافرَ
من أوراق
القاموس
وأطلبَ
إجازةً من
فمي
فلقد
تعبتُ من
استدارة فمي
أريدُ
فمًا آخر
يستطيع
أن يتحوّل
متى أرادْ
إلى
شجرة كَرَز
أو
علبة كبريت
أريد
فمًا جديدًا
تخرج
منه الكلماتْ
كما
تخرج الحوريّات
من زَبَد
البحر
وكما
تخرج الصيصَانُ
البيضاء
قبل
أن ينتهي،
تهاوى الزمن
وتداعت سنواته، تساوى
الجميع في
العمر كما
الأحاسيس، صار
الحشد المتطفل
حولهما في
ريعان الشباب، عاد
الزمن
إلى الوراء ببعض، فيما
تقدما بالبعض
الآخر. أمسى الجميع
على شكل
لوحة فنية
أتقن
المتشرد أبعادها،
فنشرت سحرها
وأذهلت الجميع.
وفي
غمرة النشوة
التي عبرت
أوصالنا ، خطت
عجوز الحشد
وهي تتمايل
حتى أصبحت
وسط الدائرة
المشعة طربا
وفرحا، طلبت
من الجميلة
أن تنحني
قليلا، همست
في أذنها
بضع كلمات،
والعيون تراقب
وتترقب ابتسمت
ذات القوام
الرشيق
دلالة الفهم والموافقة ووضعت
يدها في
يد المتشرد
وانطلقا بين
أشجار النخيل
التي تزين
الشارع الرئيسي
لوسط المدينة
حتى اختلطا
بالناس والأعناق
مشرئبة تتابعهما
إلى آخر
رمق،
عدت إلى مكتب التأمين فوجدت نوبتي قد فاتت، توسلت الحاضرين أسبقيتي
فرفضوا جميعا، ضربت أخماس بأسداس وعدت
أدراجي أنعل المتشرد وجميلته و نفسي بينهما.
للمزيد اضغط هنا
للمزيد اضغط هنا
.....
ردحذفكل التوفيق لكم أستاذ
ردحذفشكرا صديقي
ردحذف