منذ ما يزيد عن أربع سنوات وملف الترقية بالشهادات وتغيير الإطار يبرح مكانه، رغم الاحتجاجات المتنوعة ، الإضرابات والاعتصامات المتكررة للأستاذات والأساتذة حاملي الشهادات، فبين هزالة العرض المقدم من الوزارة وعدم رضوخ الأساتذة حيث
الترقية
بالشهادة للجميع وتغيير الإطار لمن أراد عن طريق الصيغة القديمة للامتحان إسوة بالأفواج السابقة دون تمييز أو حيف، يكاد يضيع مكتسب مهم بالنسبة للشغيلة التعليمية كان إلى وقت قريب تحصيل حاصل.
هذا الملف أسال مدادا كثيرا بقدر ما نزف الأساتذة من دماء
في شوارع
الرباط، دون جديد يذكر، الغريب في الأمر حجم التجاهل من
الوزارة الوصية على القطاع مما يطرح عديد الأسئلة حول نيتها في تسويته ودرء مظلمة حاملي الشهادات ،
أسئلة وأخرى من هذا الطرف أو من ذاك تطرح بشكل متكرر، سنحاول في هذا المقال الإجابة عنها باختلافها تبيانا لمظلمة فئة، خالفت العادة وأبت إلا أن تواصل البحث والتكوين.
لماذا لا تنظر الوزارة إلى ملف الترقية بالشهادة من الجهة المقابلة دون حسابات مالية قد تكون هامشية أحيانا؟ ما معنى حمل شهادة عليا؟ كيف نشجع أطرنا التربوية على البحث والتكوين المستمر في غياب ترقية تشجعهم على بدل المزيد؟ لماذا كل هذا الحيف ضد مطلب بسيط كان مكفولا إلى وقت قريب؟ يتساءل الأساتذة.
من الطرف المقابل يمكن تلخيص مجمل التساؤلات كالتالي:
إلى أي مدى يعتبر التكوين المستمر رافعة أساسية في تجويد العرض التربوي والرقي بالجودة؟ ألا تعتبر الترقية بالشهادة حيف في حق فئة أخرى، لم تتح لها إمكانية مواصلة التعليم العالي بأسلاك الماستر والدكتوراه؟ ما مدى مساهمة حملة الشهادات في الرفع من فعالية التعليم عن بعد نظرا لما تخوله لهم تكويناتهم في مجال المعلوميات والتواصل، علم النفس التربوي ، اللغات الخ ؟
قبل الإجابة على كل هذه الأسئلة، لا بد من التذكير بأن ملف الترقية بالشهادة وتغيير الإطار عرف صيغا وإشكالات عديدة وأطوارا من التراجعات بغية الإجهاز عليه،
حيث
أن
الترقية كانت تتم بشكل تلقائي شريطة الحصول عل " الدبلوم "
حتى سنة 2003
،بعد ذلك أصدرت الوزارة بضغط من الشارع مرسوم لمدة 5 سنوات ترقت بموجبه هذه الفئة حتى سنة 2008.
بعد انتهاء السنوات الخمس عادت الاحتجاجات إلى الشارع لتتم مرة أخرى ترقية أربعة أفواج بنفس المرسوم، بعد ذلك فرضت الوزارة ضرورة اجتياز امتحان شفوي قبل أن تقرر نهائيا عدم إمكانية الترقية بالشهادة منذ آخر فوج و بالضبط 29 نونبر 2015 دون سبب مقنع عن طريق عدم تجديد المرسوم، وبين التجديد من عدمه تطفو على السطح كل مرة يخرج فيه الأساتذة إلى الشارع النقاشات والتحليلات بأحقية الملف للتسوية من عدمه.
عدم الاستجابة لهذا المطلب تراه الوزارة ومن ورائها الحكومة مناصبا مالية بالأساس، ولا علاقة له بوتر الكفاءة التي تعزف عليه غالبا بدليل استدعاء أساتذة الابتدائي والثانوي الإعدادي لسد الخصاص على مستوى التعليم الثانوي - كفء
عند
الحاجة
وغير
ذلك
خلال
الترقية- وبما أن حاملي الشهادات فئة قليلة فهي لا تشكل عبئا يذكر مقارنة بأعباء أخرى.
حمل شهادة يعني عدم الكسل والرتابة، الاجتهاد، التطور و الانفتاح على معارف أخرى عوض حفظ المقرر واجتراره كل سنة مما من شأنه قتل ملكة الإبداع وغياب التحفيز... أستاذ
بالسلك
الابتدائي مثلا، مطالب بتنويع وتجديد مجموعة من الكفايات ، بما أنه يدرس اللغة الفرنسية واللغة العربية والرياضيات والنشاط العلمي و الاجتماعيات... ، إتقان عمله يتطلب إضافة إلى الإلمام بكل هاته المواد بمختلف مكوناتها معرفة موسعة بعلم النفس التربوي وعلم الاجتماع ، كفايات تواصلية وتنشيطية ، إتقانه للغة الفرنسية يمر عبر مواصلة دراستها أو دراسة مواد قريبة منها. المراد قوله هو: وجود نقاط التقاء أفقيا وعموديا بين تخصص الإجازة وتخصص الماستر وإن اختلفا، لا ينكرها سوى جاهل أو جاحد. أما كيف نرقي من يحمل
شهادة ماستر تخصص جغرافيا ويهو يدرس الرياضيات كما تساءل الأستاذ الصمدي يوما فهي
حالات شاذة تكاد تكون منعدمة.
النظريات التي اهتمت بتحفيز وتشجيع العامل عموما والموظف خصوصا لم تجد أفضل من الشق المادي اعترافا بالمجهود المبدل لتحصيل الشهادة أما كيفية الحصول عليها وهل على حساب زمن التعلم أم لا؟ ، فذلك ليس بمهمة الأستاذ، والترسانة القانونية قادرة على معاقبة كل مخالف، فالرقابة من شأن الوزارة لا من شأن حامل الشهادة أما من أين لك هذا فذاك نقاش آخر.
فئة قليلة من داخل نساء و رجال التعليم تعتقد أن الترقية بالشهادة حيف في حقها نظرا لسنوات الأقدمية، ربما ترى أنه عدم تكافؤ للفرص. هذا غير صحيح بتاتا ولا يمت للواقع بصلة، لا يمكن للجميع الركون إلى الخلف وتمضية السنين والأعوام في حديث المقاهي ولعب الورق والتشكي من ضيق الحال، من أفضل سبل تطوير المنظومة التربوية هو التعاون والاجتهاد والتنافس والتطوير وهذا لن يتأتى بالأقدمية وعامل السن وحدهما بل بمواصلة التعلم والبحث. هؤلاء هم الذين ما فتئوا ينتقدون توظيف تكنولوجيا المعلوميات في المجال، لا لسبب، سوى لجهلم بها مع عدم التعميم طبعا.
الحجر الصحي والتعليم عن بعد خير مثال عن ضرورة دفع الوزارة لأطرها للاجتهاد ومواصلة البحث والتكوين المستمر، فكم من ملكة ومهارة باتت ضرورة ملحة لن تتأتى بتاتا بالكسل والخمول وعدم الإنصاف بل على النقيض من ذلك وفي كل المجالات، من لا ينشط عقله ويستخدمه ويحفزه ويدربه سيفقده طبعا ، ذكاء ومهارة لا مادة . ماذا لو أجمع جميع
الأساتذة على الاكتفاء بشهادة الإجازة وعدم مواصلة التعليم العالي؟ ألن تفقد
المنظومة ملكات ومهارات هي في أمس الحاجة إليها؟!!
إن الترقية بناء على الشهادة عامل مهم في الدفع بالجودة إلا الأحسن والأفضل، ومواصلة التعلم حق مشروع وجب تعميمه، أما غير ذلك فهو بمثابة عقاب لمن أراد أن يطور نفسه ويجعلها في خدمة قسمه، ولنا في قطاعات أخرى خير مثال حيث الترقية بالشهادة مضمونة بل أكثر من ذلك التكوين المستمر على حساب المشغل.
إذا كانت الشهادة لا تعني الكفاءة، فماذا يعنيها ؟ اجعلوا
إذن مباراة الدخول إلى المراكز من دون شرط
توفر الإجازة والتي هي بدورها شهادة، ثم افتحوا المجال لعامة الناس للتنافس، أما
إن كانت كذالك فأنصفوا واعدلوا واقسطوا إن الله يحب المقسطين.
ذ. نموس محسن
ذ. نموس محسن