مزرعة الحيوانات الرواية الخالدة








ما هي أفضل رواية قرأتها ؟  سؤال لطالما تكرر  كثيرا بين مدمني رائحة الورق و المداد الأسود ، عشاق الأعمال الأدبية الخالدة والكتاب المرموقين.

الإجابة حتما مختلفة ومتضاربة، كل حسب ذوقه وميولاته وعقائده وقبل ذلك مجموع الأعمال التي قرأها ليتمكن من الاختيار من  بينها.

تتعدد التصنيفات بين الفائزة بجائزة النقاد أو القراء أو مرتبة أولى خلال استطلاع للرأي إلى الجوائز المحلية والدولية  وصولا إلى الجائزة الأكثر شهرة وقيمة : جائزة نوبل للآداب رغم أن هذه الأخيرة  لا تمنح لقاء عمل واحد بعينه.

 إلى جانب كل هذا  اشتهرت روايات ونالت درجة كبيرة من العظمة بنوبل أو بدونها فيما  ظلمت أخرى ، استحقت أكثر مما منحت لأن الشهرة والانتشار قد لا تخضع أحيانا لأي منطق محدد . كثيرة  هي الأعمال الأدبية التي حققت جوائز مرموقة و لم تحقق مبيعات محترمة  توازي حجم الهالة الإعلامية المسلطة عليها والعكس صحيح، إلا أن هناك روايات خالدة ومستمرة في الخلود،  باقية وتمدد  في الزمان والمكان،  هذه الروائع خصص لها  ركن داخل حقل التصنيفات والجوائز عند  أعلى قمة الهرم   " روايات لا تموت " بعيدا عن أي مقارنات مجحفة أحيانا .

مزرعة الحيوانات لجورج اورويل أو ريك آرتر  بلير اسمه الحقيقي  تندرج ضمن هذا النطاق،  رواية اكتسبت شهرة منقطعة النظير وداع صيتها  حتى أصبحت من كلاسيكيات الأدب العالمي ، لأسباب موضوعية وذاتية نذكر منها التالي دون مراعاة أهمية الترتيب :


-        طالما هناك فقر  و ظلم  هناك رفض وممانعة، تمرد أحيانا يؤول إلى ثورة، يعني أن الموضوع العام للعمل يتكرر زمكانيا  وله راهنيته ، موضوع التهميش والحكم الغير العادل وجد منذ الأزل واعتقد أنه سيبقى كذالك مع اختلافات موضوعية طبعا فظلم وفقر القرون الغابرة ليس نفسه اليوم،  إذن تيمة العمل وروحه حية لا تموت ولو كتبت الرواية حتى قبل الميلاد ستبقى ذات راهنية.

-        خلال نشر الرواية كان العالم أجمع يعيش مخاض سياسيا وتخوفا من انتشار عدوى الفكر الاشتراكي رغم مهادنة الغرب آنذاك  للاتحاد السوفيتي ضد النازية الألمانية الشيء الذي لم يرق أورويل،  ثم  أن العالم كان ينتظر ثمار التجربة السوفيتية والنتائج التي ستؤول إليها  الأمور وحسب جورج  تبين أنها لم تضف للمجتمع الروسي أي الثورة شيء يذكر بل على النقيض من ذالك صارت ديكتاتورية بقوة الحديد والنار، يعني عمل يتصف بالواقعية بعيدا عن الخيال

-        منع الكتاب من التداول داخل الإتحاد السوفيتي كما باقي الجمهوريات الاشتراكية  وهذه لوحدها تعطي أي عمل قوة كبيرة، فالقراء يتهافتون لاقتناء العمل  اكتشافا لسبب حجبه  من باب كل ممنوع مرغوب.
-        مزرعة الحيوانات عمل إنساني اهتم بالكائن البشري، حاكم القيادة السياسية وكشف عيوبها وزيف ادعاءاتها بعيدا عن أي ترف فكري، الشيء الغير ممكن من داخل بلاد السوفييت آنذاك.

-        الشيء الأهم في نظر الكثيرين هو قدرة أورويل على خلق شخصيات حيوانية لأخرى بشرية ذات وزن كبير على الساحة الفكرية والسياسية، أمثال جونز صاحب النزعة ( القيصر حاكم روسيا   ) العجوز ميجر ( كارل ماركس) الخنزير سنوبول ( ليون تروتسكي، ( الخنزير نابوليون  )جوزيف ستالين)، الجراء ( عناصر الكيجيبي)   الغراب موسى ( رجل الدين)،  السيد فريدريك ( أدولف هتلر ) وآخرون ، فحضور كل هاته الشخصيات الشيهرة داخل أي عمل أدبي كان لا يد أن تشكل فارق نوعي وتجعل من العمل محط إقبال.

وكخلاصة لما سبق، مزرعة الحيوانات عمل أدبي رائع بعيدا عن أي نزعة سياسوية، أردفه صاحبه برواية مشوقة وغامضة أخرى وهي رواية  1984  كاستمرار  في نفس السياق ونفس الهدف - وضع التجربة السياسة السوفيتية عموما وجوزيف ستالين خصوصا  -  أمام محاكمة روائية، قد يهم أو لا يهم مدى احترام الكاتب لمبدأ العدل كأساس للحكم طالما أن  هذا الأخير سيبقى للقراء.

ذ . نموس محسن


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

منابع المعرفة

2016